كـلـمـة عـن الـكـاتـب

المتن الروائي -القصصي لحفناوي زاغز فضاء حافل بالشخوص المتعددة و الأحداث المتراكمة و المواقف المختلفة، بالأمكنة اللامحدودة و الأزمنة الممتدة، التي تشكل بنية  فنية متماسكة، قوامها لغة تصويرية رصينة و شفافة، تنساب أمام قارئها في متعة و يسر، عبر أسلوب السرد المترابط و حبكة الحوار الجذاب.

تنهض إبداعية النصوص على خلفية ثقافية صلبة و تجربة ناضجة و خبرة طويلة من المعايشة و الممارسة، يسندها وعي متقد و رؤية متسعة متعمقة في قضايا كثيرة متداخلة، يتقاطع فيها الفردي بالجماعي، القروي بالمديني، الوطني بالإنساني، النفسي بالاجتماعي و السياسي، من وطأة الشر و الإحتلال و الإستبداد و القمع و التخلف الى ملحمة الثورة و الإستشهاد من أجل الحرية و الكرامة و السؤدد، و رحلة البحث المستمر عن وجود بديل، ممكن و أفضل. من متاعب الفقر و الاغتراب و الضياع، و انكسارات القضية الفلسطينية و أزمة الهُوية و الانتماء و الصراع الفكري و أسئلة الثقافة و العلاقة مع الغرب إلى كوابيس الغربة و السجن و الضياع و الإرهاب، من متاه القيم و عذابات الحب و معاناة المرأة في مجتمع مليء بالتعارض و التناقض و الكبت و الزيف الى أزمة الصراع و التطرف الفكري- الإيديولوجي، و العنف المتوالد المتعدد الأشكال، المنتهي الى الهاوية.

حفناوي زاغز كاتب مهموم بقضايا الذات و الوطن و الأمة، نصوصه مشحونة بصور الوعي المتألم من/على واقع عصي، مثقل بتراكم الخلل و الفساد و اللامعنى، الذي قد يلقي بظلاله على عناوين مؤلفاته "أشواق، ضياع في عرض البحر، الفجوة، نشيج الجراح، عندما يختفي القمر، صلاة في الجحيم، الابحار نحو المجهول" مما يجعل النصوص مشحونة بالأحزان و الهموم و الأسئلة الصعبة.

غير أن هذا الوعي المتألم، و تلك الرؤية المهمومة، لا تؤدي بصاحبها إلى السقوط في شراك السوداوية المغلقة أو السلبية الإنعزالية، بل تظل رؤية متقدة متبصرة، واقعية نقدية بناءة، سعيا وراء واقع/عالم ممكن منشود، فضاء للحرية و الحق و العدل و الكرامة و الرقي، للصفاء و الخير و التسامح و القيم الإنسانية النبيلة.

                                                                                
        الدكتور إبراهيم روماني